ملخص كتاب مالم يخبرني به أبي عن الحياة

ملخص كتاب مالم يخبرني به أبي عن الحياة


المقدمة

يشرح لنا الشاذلي من خلال هذا الكتاب، كيف يمكننا أن نعيشَ حياةً غيرَ تقليدية، وكيف يمكن أن يتقبلَ الإنسانُ ذاتَهُ، كما هي، وينطلقَ ليواجِهَ الحياةَ بكافةِ مَواقِفِها وتحدياتِهَا، مُحققًا مَا يَصبو إليه.

تَحررْ من سَيطرةِ الناس، وعِشْ حَياتَك

كثيرٌ مِنّا يعيشُ حَيَاتَهُ ليحققَ أحلامَ غيره، فهذا شابٌ دَرَسَ في المَجالِ الفُلاني، ليُحقِقَ رَغْبَةَ أهلِهِ، وذلكَ آخرَ تزوَّجَ مِن الفتاةِ الفُلانية، لأنَّ أُمَّهُ رأتْ بأنها مُناسِبَةٌ له، وثالثٌ عَمِلَ بالوظيفةِ الفُلانيةِ، لأنها الوظيفةُ الموجودةُ في سُوقِ العملِ، وحَصَلَ عليها بسُهُولة.
إن استقلاليتَك العقليةَ وتَحرُّرَكَ من سيطرةِ الناسِ، أمرٌ مهمٌ جدًا، لتحققِ ما تُريد. في حقيقةِ الأمر، مُعظمُنَا يُضيّعُ الكثيرَ من عُمرِهِ، في التفكيرِ برأيِ الآخرينَ عنه وصورتِهِ لديهِم، لكن ما ستُدرِكُهُ في وقتٍ مُتأخرٍ من حياتك، هو أن لا أحد يُركزُ عليك بذلك القدر، ولا أحد يهتمُ لأمرِك، بالدرجةِ التي تَعتقدُهَا، لذلك افعل ما تراهُ مُناسبًا مِن البداية.
مارك توين، الكاتب الأمريكي الشهير، يقول: "بعد عشرينَ عَامًا من الآن، ستشعرُ بالإحباط وخيبةِ الأمل، تجاهَ الأشياءِ التي لم تفعلْهَا، أكثرَ مما تشعُرُ تِجَاهَ الأشياء التي فعلتها”.
عِشْ حَياتَكَ ونفّذْ قراراتِكَ بنفسك، واخطُ خطواتٍ نَحو هدفِك، وكُن على دِرايةٍ بأنّ مُتعةَ الخطأِ الذي تقترفُهُ باختيارِكَ الحُر، تَفوقُ مُتعةَ الصواب، فيما تم اختيارُهُ لك!
بالرُغمِ من أن الناسَ يجيدون التذمُّرَ والتعميمَ ونشرَ الأفكارِ الكئيبة، كُن أنتَ إيجابيًا، وفَكّرْ بالآخرين وبتأثيرِ تصرُفاتِكَ عليهم. إن جاءك شخصٌ يَشتكي فتفهمه، قد تقولُ له كلمةً طيبة لا تُدرِك أثَرَهَا في نفسِه، ولكنكَ بذلِك تكونُ قد ساعدتَّهُ كثيرًا.
أيضًا، في بعضِ الأحيان، قد تكونُ الشكوى عِبارةً عن تفكيرٍ بصوتٍ مَسموع، ولذا من المفيد جدًا، أن تختارَ بعنايةِ الشخصَ الذي ستشكو إليه هُمومَكَ، فيعطيكَ شُحنةَ مَشاعرَ إيجابية ودعمًا، أو يريحَ قلبَكَ بإنصاته وتفهُّمِه.

تعلّم من فشلِكَ وتحمّلْ مسؤوليةَ أفعالِك

يقول تشرشل: "إن النجاحَ هو الانتقالُ من فشلٍ إلى فشل، دون أن تفقدَ حَمَاسك."
انظر إلى الفشلِ على أنهُ درجاتٌ في سُلَّمِ النجاح ترفعُكَ، في كلِ مرةٍ تتعلمُ منه، وتَزِيدُ خبرتُكَ ومعرفَتُك. لا ترى الفشلَ على أنه النِهاية، هو فقط محاولاتٌ مُتعثِّرةٌ. لا تيأس بسببِه، واستمر بفعلِ ما عليك فعلُه.
ليس هناك أسهلُ من إلقاءِ اللَّومِ على الغير، على أبيِكَ الذي عامَلَكَ بِقَسْوَة، على ظروفِكَ التي حرمَتْكَ من تحقيقِ طُمُوحاتِك، على أيِ شيء!
توقفْ عن فعلِ ذلك. عندما تتحملُ مَسؤوليةَ حَيَاتِك، سيدفعُكَ هذا لمواجهةِ تَحدياتٍ أكبر، على عكسِ المُتخاذِلِين الاتكاليين، الذين يَرضَوُنَ بكل ما هو سهل، حتى لو كان فُتات. أما أنت فواجِه مَشَاعِرَكَ السلبيةَ والإحباطاتِ والتحديّات، بِكُلِّ ما لديك من عزيمةٍ وإصرار! وتذكّر يا صديقي بأنّ النجاحَ لا يأتي، وإنما يُنتزعُ انتزاعًا.
ضع باعتبارِكَ أنه لا يوجدُ شيءٌ اسمُهُ مشاكل، ولكن هناك مواقفُ تحتاجُ إلى حل. كما أن بعضَ الناسِ مُوجّهٌ لرؤيةِ المشاكل، وبعضَهم موجّهٌ لرؤيةِ الحُلول. حاوِلْ قدرَ المُستطاع أن تكونَ من النوع الثاني.

الارتقاء للأعلى عن طريق الانتقام

هناك أشخاصٌ في الحياة، لا يُجيدون شيئًا سِوى الانتظار، يخافون و يَهْرَبُونَ من التحديات والمخاطرة، التي من الممكن أن تدفعَ لاتخاذِ قراراتٍ، تُغيِّرُ مُستوى حياتِهِم ككل، فتتشابهُ أيامُهُم وشهورُهُم وأعوامُهُم.
كي تكونَ ناجحًا، عليك أن تكون جَريئًا، فالحياةُ الكبيرة تحتاجُ لمخاطرة كبيرة، والخوف، من أكبر أسبابِ العيش بتعاسة.
انتقِمْ، فمن أشكال الجُرأةِ أيضًا الانتقام! لا نتحدث عن الانتقامِ السلبي، ولكن الانتقامِ الإيجابي، بالارتقاء للأعلى.
إنْ خيّبَ حبيبٌ أمَلَك، انتَقِمْ بأن تكونَ أحسنَ الناسِ عِلمًا ومكانة، وإن سرقَكَ شخصٌ ما، انتقِم بأن تكونَ وفيّاً أمينًا كريمَ النفس.
انتقم بعملِ الأفعالِ المعاكسةِ لتلك التي سببت لكَ الألم.
انجحْ واجعلِ الآخرين ينجحونَ معك. هناك مُتّسعٌ في هذه الحياةِ لنا جميعًا. لا تسعَ جاهداً لتنجحَ أنت، ويفشَلَ الآخرون.
مَنَاهِجُ الناسِ في المنافسةِ وقوانينُ الرِبح والخَسَارة عديدة، منها:
أنا أربح/أنت تخسر: أصحابُ هذا المنهج، لا يُحقِّقونَ النجاحَ بالشكلِ المُرْضِي إلا بخَسَارةِ الطرفِ الآخر.
أنا أخسر/أنت تكسب : أصحابُ هذا المنهج، يعملونَ على خَسَارتِهِم مُقابِلَ رِبْحِ الآخرين (هؤلاء همُ المُحبَطُونَ المفتقِرون للإيجابيةِ والمُتصِفُون بالسلبية).
لا أخسر/لا تخسر: المهم هنا التسويةٌ السليمة، وليذهبَ كُلٌّ مِنّا في طريقه.
أنا أربح/أنت تربح: كلنا يَربح، كلنا يبحثُ عن المصلحة المشتركة، وهذا أفضلُ الخِيارات.

رتب أولوياتِكَ فقد تنتهي قِصّتُكَ في منتصَفِهَا

عليك أن تُفكِرَ في غايَتِكَ من الحياة، لأنه بالرُغمِ من أن الموتَ اعتادَ أن يَحصُدَ أرواحَ المُسِنين، إلا أنَّهُ لا يتوانى بين الحينِ والآخر عن قطفِ بعضِ الثِمارِ، التي لم تنضج بعد.
لذلك، قُم دائمًا بترتيبِ أولوياتك، فمعنى الحياةِ ليس بطولِ بقائِهَا، ولكن بقوةِ عَطَائِهَا، وقد تنتهي حياتُكَ قبل أن تُنْجِزَ كُلَّ أعمالِك.
تَمَهّلْ وأعِدْ تنظيمَ الأولويات، انطلاقًا من هذه الحقيقة، حتي لا تجدَ نفسَكَ تلهثُ من التعبِ، سعيًا وراءَ المزيدِ من الإنجاز، والمزيدِ من الاستهلاك.
قَسِّمْ واجِبَاتِكَ بحسَبِ الأولوية، ووازِن بين احتياجاتِكَ الماديةِ والرُوحية، واحترس من الأمورِ العاجلةِ غير المُهمة، فهي مَضيعةٌ للوقت.
كن على علم بأن العملَ يُتوسَّعُ، كي يملأَ الوقتَ المُتاحَ لإنجازه، وأيُّ مشروعٍ، يميلُ إلى استغراقِ الوقتِ المُخصص له. فإذا خصصنا لمجموعة من الأفراد، ساعتينِ لإنجازِ مَهَمَّةٍ مُعينة، وخصصنا لمجموعةٍ أخري 4 ساعاتٍ لإنجاز نفسِ المَهَمّة، سنجدُ أن كلا المجموعتين ستنتهي في حدود الوقتِ المُخصصِ لها.
لحماية نفسك من هذا التأثير، حوّل أعمالِكَ لمشاريع، أي حدِّدْ مَوعدًا نِهائيًا لكلِ عملٍ من الأعمال، والتَزِم بهذا الموعد، و ابدأ بالأهم أولًا، ثم المُهِم فالأقلِ أهمية.

الحِكمةُ والطرقُ المُختصرةُ في الحياة

من الحكمةِ أن تَدْرُسَ خِياراتِكَ بذكاءٍ وحِنكة، وتطّلعَ على الأمرِ من جميع جوانبِه، فقد تخترعُ الحِيَلَ والحُلولَ، التي تجعلُ طريقَكَ مُختصرًا، وتُهَوِن علي نفسِكَ تَعبًا طويلًا.
ومن الحكمةِ أيضًا أن تصمُت، فالصمتُ قوةٌ والكلمةٌ التي تخرجُ من فَمِكَ لن تعود.
كلما كانت كلماتُكَ قليلةً ومُركزة، كلما أغلقتَ أبوابًا كثيرةً للتحليلِ والتفسير، ولكن انتبه! فهناك وقتٌ يَجبُ عليك فيه الكلامُ والفعل؛ كي تُظِهِرَ بِضَاعتَكَ النفيسة، في زمنٍ انتشرت فيه البِضَاعةُ الرديئة. نحن مطالبون بأن نُظهِرَ روعةَ ما نَملِكُ من مواهبَ وقُدرْات، ونُخرِجَهَا للناس.
تواضع، قد لا يكون من السهلِ علينا، أن نُخفيَ أو نَكبِتَ زَهْوَنَا بأنفسِنَا، بعد نجاحِنَا في أمرٍ ما، حاز على إعجاب الآخرين، ولكن تذكَرْ بأنّ كلَ شيءٍ سينتهي ويزول. فتَحْتَ التُراب، تساوت عظامُ الملوكِ والبُسطاءِ والعلماءِ والجاهلين. ما سيبقى منك هو الأثرُ الطيبُ وأخلاقُكَ الحَسَنَة.
كن مَرِنًا، فِمنْ أوجَهِ الحكمة، عدمُ التزمُّتِ وتبني الآراءِ بطريقةٍ عاطفية. لا تَسِرْ بمبدأ "من يوافقُني بالرأي حبيبي، ومن يخالفُني عدوي". جاهِد نفسَكَ واستمع للرأي والرأي الآخر، حتى لا تَسجِن ذاتَكَ في جهةٍ واحدة، أو تحكمَ على الناسِ أحكامًا نِهائيةً، وتتبنى وجهاتِ نظرٍ جامدةٍ ثابتة.
نحن نَكْبُرُ ونُغيرُ وجهاتِ نظرنا، ومن لا يتصفُ بالمُرونة، هو في الحقيقةِ لا يملِكُ الحريةَ في آراءه، بل يُصبِحُ عبدًا لها.

اِصبِر على التحديات حتى لا تَقتِلَ أحلامَك

من المعلومِ أن صاحبَ النظرةِ المُستقبلية، سيُواجِهُ تحدياتٍ ومَصاعِبَ تُوازي أحلامَه، لذلك إذا كانت أحلامُكَ كبيرة، فعليكَ أن تَصْبِرَ على صعوبةِ البدايات.
الصبرُ يجبُ أن يتناسبَ طَرديًا مع طُمُوحِك، فليس من المعقولِ لإنسانٍ يُلامسُ طُمُوحُهُ عنانَ السماء، أن يَمُرَ بتحدياتٍ عادية.
صبرُكَ على غيابِ المردودِ وبُطءِ النُمو، هو أقوى أسلِحَتِكَ لتنمو وتكبُرَ بقوةٍ وثبات. اعمل بجِدٍ ولا تستجعِلِ النتائج، فالاستعجالُ أكبرُ قاتلٍ للأحلام.
أيضًا، مِنْ أَكْبَرِ التَّحَدِّيَّاتِ الَّتِي تُوَاجِهُ أَصْحَابَ الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ، النَّقْدُ الْجَائِرُ، الَّذِي لَا يُرَادُ بِهِ إِلَّا تَثْبِيطُ الْهِمَّةِ وَكَسْرُ الْإِرَادَةِ، فَالْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ يَسْهَرُ اللَّيَالِيَ، يُفَكِّرُ فِي الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى لِتَحْطِيمِ آمَالِ الْآخَرِينَ.
إن زادَ نقدُ أعداءِكَ لك، اتخِذْ من ذلِكَ دليلًا على قُوّتِك، لأنك اخترتَ أمرًا مُثيرًا للانتباه، ونجاحُكَ يُسبِبُ لهم الاستفزاز.
عندما تسمعُ نقدًا جارِحًا، ابتَسِم بهُدُوء ولا تغضب، أو تُغيِر وِجهَتِك. بذلكَ لن يستطيعَ أحدٌ أن يَهزِمَك.
عند انتقادِكَ لشيءٍ ما، كن حكيمًا، فهناك أشخاصٌ لا يَقبلون النقدَ أبداً، ولا يرونَ فيه سِوى أنه تعدٍ على ذُواتِهِم، واتهامٌ لهم بالجهلِ وعدمِ المَعرفة.

من لم يُزِدْ شيئًا على الحياة فهو زائدٌ عليها

هناك من الناسِ من يمشون بيننا بأجسادٍ خاملة، مات بداخلها كلُ ما يدعو للتحدي والعطاء. لا تكن من هؤلاء الناس.
بعضُ الناس لا يهتمُ أبدًا بتطوير ما لديه، تراهُ دائمًا محصورٌ في مِنطقةٍ ضيقة، ولا تتسع أفكارُهُ ولا أُفُقُهُ لحوارٍ مُبدع؛ فبناؤهُ الفكري لا يسمحُ بذلك. أنّى له أن يُماشي تطورَ الحياةِ من حوله، أو يتجاوبَ مع الآخرينَ، وثقافتُهُ كلُهَا مستقاةٌ من أحاديثِ المقاهي، ودردشاتِ الأصدقاء، ولم يُر يومًا وفي يده كِتابٌ، أو يَضبِط نفسَهُ ذاتَ يومٍ وهو يفكر!
لا تكُن قَنوعًا أبدًا بالبسيط، ولا تتوقف عن زيادةِ رصيدِكَ المَعرِفِي. فتِّشْ في الكتبِ والإنترنت عما يُثري معلوماتِك، وبالتالي من حجمِ أفكارِك وفَهْمِك ووعيِك.
جالِس من يُضيفُ لك. عندما تجلسُ بين يدي العظماءِ والعلماء، فأنت تُضيفُ لأيامِ عُمرِكَ سنواتٍ إضافية، وترفعُ من مُستوى استيعابِكَ وقُدْرَاتِك.
كي تتعلم، انظُر لنفسِكَ دائمًا على أنك تلميذٌ في مدرسة الحياة.
أولُ صِفةٍ من صِفاتِ العُظماء، أنّهُم يَقِفُونَ على الحُدودِ الحقيقيةِ لمَعرفتهم، ويستطيعون قراءةَ أبعادِ مَدَارِكِهِم واستيعابِهِم، بينما من يفخرون بما لديهم، ويشمخون بأُنُوفِهِم عاليًا، مُذكرينَ الآخرينَ بين الحينِ والآخر بما يَملِكون، وبما يُدرِكُون، وبما يعرِفُون، هم في الحقيقةِ يُعانونَ خللًا في تكوينهم النفسي، وعدمَ ثقةٍ بقدرتهم على الارتقاء.

ملاحظاتٌ خِتامية

دعونا نَختِمُ بثلاثِ نصائحَ مُهمة:
اعمل بِجِد، فإنَّ المرءَ لا يحصُلُ على ما يُريدُه، وإنما على ما يَستحقُه.
كن مَرِنًا، اكتُب مَبادِئِكَ بقلمٍ جَاف؛ حيثُ الرسوخُ والثباتُ والوضُوح، واكتُب آرائَكَ بالقلمِ الرَّصَاص؛ حيثُ التعديلُ والتصحيحُ والمراجعة.
لا تتحدث عن نفسِك، ودع أفعالَكَ تتحدثُ عنك، فأفصحُ الألسنةِ هو لِسَانُ الإنجاز .

0 comments

إرسال تعليق