ملخص كتاب لا تكن لطيفا أكثر من اللازم
المقدمة
إرضاء الناس ليس أمرًا سيئًا بطبيعته- من الجيد أن ترغب في إرضاء أسرتك أو المشرفين عليك- ولكن في بعض الأحيان يمكن أن تصبح رغبتك في إرضاء الآخرين مشكلة.
من المستحيل أن تشعر بالقوة عندما تتجه طاقتك إلى إرضاء الجميع؛ فكونك لطيفًا غالبًا ما يعني أنك تواجه الكثير، وتكذب أكاذيب صغيرة، وتسعى جاهدًا إلى ما لا نهاية لتحقيق الكمال..
يحدد ديوك روبنسون في هذا الكتاب الأخطاء غير الواعية التي يرتكبها الأشخاص اللطفاء يوميًّا، ويوضح كيفية تصحيحها وتجنب الإجهاد غير الضروري.
محاولة أن تكون كاملًا
يسعى البعض وخاصة اللطفاء إلى إعطاء الآخرين صورة مشرفة عن أنفسهم متناسين أنهم بشر، وأن العمل البشري دائمًا من سماته النقصان وعدم الكمال، وهو ما يحمل اللطفاء فوق طاقاتهم، لذا يدعونا روبنسون إلى التفكير قليلًا في أي مهمة قبل القبول بتنفيذها، كما أنه من المفيد هنا أن يتجنب الإنسان التعامل مع الأشخاص الذين يوهمونه بأنه مثالي.
ويوضح الكاتب هذا في ثلاث خطوات:
•
التصرف بما يناسب كل علاقة، فلا يصح معاملة زوجتك كمعاملة رئيسك في العمل والعكس صحيح.
•
تقبل الفشل والاعتذار إن اكتشفت ذلك.
•
إن رفض الآخرون الاعتذار يمكنك أن توضح لهم أنك كنت مهتمًّا بشأنهم لكن لا يمكنك قبول طلبهم.
هل تعدُّ النزعة للكمال عيبًا؟!
إن من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الشخص اللطيف هي النزعة إلى الكمال، كما يقول الكاتب، مما يفرض ضغوطًا كبيرة عليه، وبالطبع يتطلب ذلك مجهودًا كبيرًا منه لإثبات الذات، والقيام بالمهام المختلفة على أكمل وجه، فضلًا عن الإرضاء الدائم للآخرين.
وهنا يشير ديوك روبنسون إلى أن محاولة الوصول إلى الكمال في حد ذاتها ليست عيبًا، ولكنها تصبح خطأ عندما تدفع الأشخاص اللطفاء إلى وضع معايير غير واقعية لأنفسهم أو تكبدهم ما لا يتحملونه من مجهود أو وقت أو حتى مال.
ويذكر الكاتب أن أول خطوة لتعديل هذا الخطأ هي الإيمان بأنه لا يوجد أحد كامل (فالكمال لله وحده) ولا بدَّ من تقبل نواحي القصور لدينا، ومن ثم يأتي بعد ذلك إدراك أن الكمال ليس هو الطريقة الوحيدة لنيل الرضا والقبول لدى الآخرين.
القيام بالتزامات أكبر من طاقتك
يوضح روبنسون أنه عادة دون أن نشعر يوقعنا اللطف في مأزق، إما أن نقول "لا" لشخص عزيز يطلب منا شيء فنشعر بالأنانية والذنب، أو نحاول القيام بكل ما يطلب منا فنستنزف طاقتنا.
كي تتخلص من ذلك قل "لا" للمهام التي لا تناسبك ولا تمتلك الوقت للقيام بها بل وربما التي لا تستمتع بها أيضًا لأنها ستشكل عبئًا ثقيلًا عليك، ولا توافق على قبول مهمة ما إلا بعد الوقوف على كافة تفاصيلها فعند عرض أمر ما عليك، تريث وابدأ بالقول "سأنظر في ذلك وأرد عليك".
بعد ذلك، خذ بضع دقائق للتفكير في ما تريد القيام به قبل تقديم أي وعود، وعند قبول مهمة ما كن على استعداد للتخلي عن أحد التزاماتك في سبيل تلك المهمة، وأن تضع في حسبانك وقتًا للمقاطعة والطوارئ، ولا تخجل من طلب مساعدة الآخرين عند الحاجة.
عدم قول ما تريد وكبت الغضب
يشير روبنسون إلى أنه في أحيان كثيرة يجد من تجاوز لطفهم الحد المطلوب حرجًا كبيرًا في العديد من المواقف لقول أو طلب ما يريدونه من الآخرين، لذا يجب على الشخص اللطيف أكثر من اللازم عند رغبته في شيء من أحد أن يحاول إخباره بجمل إيجابية وغير متزمتة مثل "أحب منك أن…".
فيقول: "إن شعرت بالخوف من ذلك لا مانع من أن تصارح محدثك بخوفك من أن يراك لحوحًا أو متسلطًا، وإن لم تكن متأكدًا من حقك في هذا الطلب عليك أولًا أن تستفسر وأن تجمع المعلومات اللازمة لطمأنتك، وعند مقاومة الآخرين حقوقك المشروعة لا مانع من الإصرار بتكرار الطلب بصيغ مختلفة.
كما يوضح الكاتب أن الأشخاص اللطفاء يظنون أن التعبير عن غضبهم خطأ، ويخشون من إظهار مشاعر الاستياء أمام الآخرين ظنًا منهم أن ذلك سيحافظ على صورتهم المثالية في أعين الناس، إلا أن الحقيقة هي غير ذلك تمامًا.
فالتعبير عن الغضب يمكن أن يسهم في تحسين علاقتك بالناس، والأهم أنه سيزيل ما بداخلك من صراع بين كبت حرارة الغضب في داخلك أو خسارة علاقاتك.
وينصح روبنسون الأشخاص اللطفاء بالتعبير عن غضبهم قبل أي شيء لمن أساءوا وليس لأشخاص آخرين، مثلما يحدث عندما يوقع مديرك في العمل عقوبة عليك وتكبت وتكتم غضبك حتى عودتك إلى المنزل ثم تفرغه في وجه زوجتك أو أهلك.
خبّر من أساء إليك بما تشعر، وذلك بأن تعبر عن استيائك مما فعله وليس من شخصه، ويجب أن توضح له ما تريده منه لإزالة غضبك.
فالدعوة لعدم كبت غضبك لا تعني أبدًا أن تثور كالبركان، لكن كل ما عليك فعله أن تظهر للآخرين أن ذلك التصرف يضايقك حتى لا يكرره.
التهرب من الحقيقة (كذبة بيضاء لا تضر!)
يرى الكاتب أن الأشخاص اللطفاء عادةً ما يقعون في مشكلة كبيرة عندما يقفون أمام خيارين: إما قول الحقيقة التي قد تكون جارحة لمحدثهم، وإما أن يؤثروا المجاملة اللطيفة ويقمعوا رغبتهم في المصارحة، مثلما يحدث عندما تسألك زوجتك عن رأيك في صنف جديد من الطعام أعدته خصيصًا لك.
وهنا ينصح روبنسون بالتفكير في المشكلة على أنها مشكلتك أنت وليست مشكلة من تريد مصارحته بالحقيقة، فأنت من تخاف أن تخيب ظن الآخرين بك ومصارحتهم بعيوبهم.
للتعامل مع هذا الموقف ابدأ بالحديث معربًا عن احترامك للشخص وتقديرك له ولمجهوده الذي بذله، ثم أخبره بأنك تخشى أن تجرحه لكنك في الوقت ذاته تكره ألا تكون غير أمين، ثم صارحه بالعيب أو المشكلة التي تريد إخباره بها.
مثلًا: إذا سألتك زوجتك عن رأيك في صينية البطاطس التي لم تعجبك، لا داعي لأن تكذب وتقول إنها كانت رائعة، ولا أن تكون فظًّا وتقول إنها كانت سيئة، بل يمكنك أن تقول إنك عادة تحب البطاطس من يدها، ولكن طعمها هذه المرة كان مختلفًا بعض الشيء. وهكذا تكون قد خرجت من المأزق بأقل الخسائر!
تقديم النصح وإنقاذ الآخرين
يذكر الكاتب أن الأشخاص اللطفاء يميلون بطبعهم إلى الإسراع لإسداء النصح للآخرين، وعلى الرغم من أنهم يفعلون ذلك بنوايا طيبة، إلا أن هذا السلوك يعدُّ مؤذيًا للغاية للآخرين في كثير من الأحيان، فالإسراع لإسداء النصح يحمل معاني التقليل من شأن الآخرين، وتصدير لهم فكرة أننا نسيطر على حياتهم بشكل أو بآخر لأننا أكثر منهم كفاءة.
ويرى روبنسون أنه بدلًا من إسداء النصح يمكنك أن تبتعد عن مشكلات الآخرين وعدم استشعار أنها مشكلاتك الشخصية، كما يمكنك إلقاء عليهم أسئلة تلفت نظرهم لما لديهم من خيارات، أو أن تقدم لهم معلومات قائمة على خبراتك الشخصية وشهادات الآخرين، ليتم كل ذلك دون أن توجههم مباشرة، وهذا بالطبع سيترك أثرًا طيبًا في نفوسهم.
بالاضافة لذلك، يوضح الكاتب أن الأشخاص اللطفاء يسارعون إلى محاولة إنقاذ الآخرين، وضرب مثلًا بمن يتعاطى المخدرات، فإن كان له صديق "لطيف أكثر من اللازم" فسيسرع إلى محاولة إنقاذه من هذا الطريق، لكننا لو نظرنا للواقع فإننا بمحاولة إنقاذهم بالطرق التقليدية نضرهم أكثر مما نفيدهم، إذ تؤدي المحاولات لإخراج المدمن من دوامة إدمانه إلى مزيد من انغماسه فيها، ثم يبدأ الأثر السلبي على من يحاول الإنقاذ بأن يتأثر نفسيًّا بفشله في المهمة ويتستر على تصرفات صديقه، ويحميه بالكذب، كما أننا بذلك نحرم من نريد إنقاذه من التطور الطبيعي لشخصيته لمساعدة نفسه.
إن كنت تعرف شخصًا ما يرتكب خطأ فلا تحاول أبدًا حمايته لأنك لن تساعده بهذه الطريقة ويمكن أن تدفعه للتصرف بطريقة أسوأ. حاول ألا توبخه، وألا تطلب منه أي شيء بصورة الأمر، بل اشرح له المشكلة ووجّه نظره للضرر الذي سيسببه تصرفه، ولا تقل له افعل كذا أو لا تفعل كذا! بل دعه يأخذ القرار ويستنتجه بنفسه؛ أي لا تتحكم به ولا تأمره!
حماية من يشعرون بالحزن
يضرب لنا ديوك روبنسون مثالًا في هذه النقطة أنه عندما يتوفى والد أحد أصدقائك، فتسرع إلى محاولة التخفيف عنه بالطرق المعروفة إلا أنه يؤكد خطأ فعل ذلك، كما يؤكد خطأ التصرفات التالية: التظاهر بالقوة وتجاهل ذكر الموت، والثرثرة في مواضيع غير مهمة، ومحاولة إبهاج صاحب المصيبة، أو إعطائه النصائح، واقتراح عليه طلب منك المساعدة في أي وقت إن احتاج لأي شيء.
التصرف الصحيح في مثل تلك الحالات هو أن تظهر تعاطفك الصادق مع ألمه ومُصابه، وأن تشعره بحضورك إلى جواره ومساندته بصدق، وأن تتطوع لمساعدته في أي من المهام التي تستطيع بالفعل القيام بها بدلًا من أن تعرض ذلك مجاملة أو شفهيًّا فقط، وعليك أن تشجعه على التحدث عن مصابه- إن أراد- إن كان ذلك سيشعره بالراحة.
ملاحظات ختامية
•
حرر نفسك من الالتزام بما يتوقعه الآخرون منك مما لست مقتنعًا به.
•
قل: لا، عند الضرورة، ولا تحمل نفسك أكثر من طاقتها وإلا ستنفجر في النهاية.
•
عبر عن غضبك بطريقة تداوي، وتصون علاقتك.
•
لا تعزل نفسك الحقيقية عن الأشخاص الذين تهتم لأمرهم عرّفهم حقيقتك وطبيعتك.
•
الكذب كالمسكن سيجعلك تشعر براحة مؤقتة ولكنه لن يحل المشكلة بل سيؤجلها.
•
محاولتك نصيحة وحماية شخص ما بالقوة لن تحل المشكلة ولن تساعد بأي طريقة.
•
الشخص المصاب بمصيبة لا ينتظر منك أن تخبره بأن الحزن لن يفيده وبقية الكلام البديهي ذلك! دعه يعبر عن ألمه فذلك سيساعده أكثر!
0 comments
إرسال تعليق