تعلم كيف تقرأ بفاعلية ملخص كتاب القراءة المثمرة

تعلم كيف تقرأ بفاعلية ملخص كتاب القراءة المثمرة


المقدمة

إن الولع بالمزيد من الاطلاع يُعدُّ أحدَ الحلول المهمة للأزمة الحضارية التي تعانيها الأمة، فإذا أمعنا النظر في واقع الأمم الغالبة المسيطرة اليوم، للمسنا لأول وهلة أنها اعتمدت على التعليم وتيسير سبل المعرفة كأساس لتقدّمها الحضاري.
ولا شك أن القراءة هي من أهم سبل التثقف وتحصيل المعرفة، فجاء هذا الكتاب إيمانًا بذلك، في محاولة لتأصيل هذه الفكرة ومناقشة الموانع وطرح الحلول.

التعلم مدى الحياة

لا نكاد ندرك كيف كانت الحياة قبل اكتشاف الكتابة وكيف كان الإنسان يُشبع كل فضوله المعرفي حينها إذا كان توارث العلم شفهيًّا هو الوسيلة الوحيدة للتعلم؟! ولكننا ندرك أن الكتابة قد فتحت للبشرية آفاقًا جديدة في التعليم، ووفرت عليهم مشقة البحث من جديد في أشياءٍ قد سبق إليها آخرون، ويسرت لهم سبل توارث المعرفة وأشاعتهْا بينهم. 
ولكن؛ هل هناك دواعٍ فرضت على الإنسان أن يتعلم ويقرأ؟!
يجيب الكاتب عن هذا السؤال بأنه ربما يكون العلم ذاته هو الدافع نحو التعلم، فالإنسان كلما ازداد علمًا ازداد علمًا بجهله، وازدادت حاجته إلى اكتشاف مواضيع كثيرة في مجالات أكثر، وهذا مما لا يتاح لأحد في هذا العمر الضيق ولا يتيسر إلا بالقراءة وتبني خبرات السابقين والتزود منها.

ويرى المؤلف أنه ربما يكون الدافع نحو التعلم والقراءة الأخذ بأسباب الرزق، فالواقع يشهد أن كسب لقمة العيش اليوم قد صار مرتبطًا بما يمتلكه الإنسان من معارف وعلوم وخبرات، وصار الترقي وظيفيًّا وماديًّا معتمدًا على مدى تقدم الفرد العلمي والثقافي.
ويشير عبد الكريم إلى أن من تلك الدواعي أيضًا رغبة الإنسان في توسيع مجالات نظره وتصوراته، فلا شك أن ضيق التصورات وقصورها إنما هو انعكاسٌ طبيعي لقلة الثقافة وضعفها، ولعل هذا مما قد يدفع المرء إلى القراءة وزيادة المعرفة.
وربما يكون الدافع نحو القراءة هذا القدر الهائل الذي نراه من تدفق المعلومات الهائل في العقود الثلاثة الأخيرة؛ مما يدفعنا إلى استبدال تلك المعارف القديمة بمعارف أخرى أكثر ملائمة للعصر ومجرياته.

من أجل القراءة

إن القراءة من أهم سبل المعرفة، وإن انحدار حال الناس وسوء الحالة الاقتصادية شغلتهم عن تحصيل العلم والقراءة ودفعتهم دفعًا إلى تحصيل حاجاتهم الأساسية من طعام وشراب، ويعالج المؤلف هذه القضية من خلال خمسة محاور:
الدافع
الفرق بيننا وبين القرون الأولى أنهم كانوا ينظرون إلى طلب العلم على أنه من أفضل القربات إلى الله عز وجل، أما نحن فنعدُّه لونًا من الرفاهية أو خيارًا من الخيارات المطروحة، إما أن أفعله أو لا، فمتى ما تعاملنا مع القراءة وطلب العلم عمومًا بنوع من الجدية؛ تتولد الدوافع.
تكوين عادة القراءة
تكون البدايات دائمًا شاقة، لأن الثمرة لا تكون كبيرة، ولكن يقيننا أن مرحلة البداية مؤقتة وأن النتائج تتعاظم بعد ذلك شيئًا فشيئًا سوف يدفعنا على الأقل إلى الاستمرار ولو قليلًا، وكذا فإن تحويل القراءة إلى لون من ألوان الاكتشاف يجعلها أكثر متعةً من مما ييسر الطريق علينا.
توفير الكتاب
إذا تكلمت مع أي أحد خصوصًا هذه الأيام عن أهمية القراءة وما إلى ذلك، يقول لك: "جميل! أوافقك الرأي، ولكن أنت تعلم صعوبة المعيشة وارتفاع أسعار الكتب.. إلخ"، ولو تمهل- كما يوضح الكاتب- قليلًا وفتش في مصروفات شهره لوجد مالًا كثيرًا أضاعه في أشياء غير مفيدة، وهو لا يحتاج إلا 2% فقط من المصروف لتكوين مكتبة ليست صغيرة في زمان قصير. ولا ننفي دور المجتمع والمنظمات العامة والخاصة في حل هذه المشكلة، كأن توفر مثلًا طبعات رخيصة الثمن، أو فتح أبواب الاستعارة في المكتبات العامة، أو أن يكون في كل شركة قسم خاص بما يحتاج إليه موظفو المكان من كتب ومراجع مثلًا.
توفير وقت للقراءة
لا يمكن أن يحتاج شخص يملك هاتفًا به عدد لا بأس به من تطبيقات التواصل الاجتماعي أنه لا يمكن أن يوفر ساعة يوميًّا للقراءة! إذا وقف مع نفسه وقفة صادقة واجتهد فسيوفر ساعات. يقول الكاتب: "أصدق مع نفسك، واعلم أنك محاسب على وقتك فراقبه".
تهيئة جو القراءة
تقلل الوضعية غير المريحة والمكان غير المناسب من إمكانية استمرار القراءة؛ لذا يقدم المؤلف بعض الأمور التي ينبغي أن يهتم بها القارئ:
1.
أن يكون مكان القراءة نظيفًا مريحًا جميلَ المنظر.
2.
أن تكون تهوية المكان جيدة ودرجة حرارته مناسبة.
3.
أن يكون المكان بعيدًا عن الضوضاء داخل المنزل وخارجه.
4.
يفضل أن تكون المراجع التي يظن أنك ستحتاج إليها على مكتبه. 
5.
يفضل أن يأخذ قسطًا من الراحة في أثناء القراءة.

لماذا نقرأ؟

يوضح عبد الكريم بكار أن هدف القراءة يختلف باختلاف القراء، ولكنَّ هناك أهدافًا عامة مشتركة- في الغالب- بين الجميع، منها:
القراءة من أجل التسلية: هناك أبحاث تشير إلى أن 70% من القراء ينتهجون هذا النوع من القراءة، وهي أقل أنواع القراءة فائدةً.
القراءة من أجل الاطلاع على المعلومات: وهذا النوع من القراءة خطير جدًّا، فهو يوهم القارئ بأنه يعلم الكثير ولكنه لا يفهم حقيقةً هذا الذي يعلمه.
القراءة من أجل الفَهم: وهي أهم الأنواع وأكثرها فائدةً، ولكنْ قليلون هم الذين ينتهجون هذا النهج؛ إذ إنها أشق أنواع القراءة.
وهنا يوجه الكاتب عدة تساؤلات يجب على القارئ قبل أن يبدأ بالقراءة أن يسألها لنفسه:
إن الكاتب الجيد يستهدف فئة معينة من القراء، عليك أن تسأل نفسك دائمًا، هل أنت من هذه الفئة؟
ما هوية هذا الكتاب أو الجنس المعرفي الذي ينتمي إليه؟ في الاقتصاد أم الفقه أم الفلسفة؟ إلى غير ذلك. 
ما مدى استيعابك لما قرأت؟ هل تعيد القراءة؟ أم هل تتوقف؟ 
أيضًا يجب ألا ينظر القارئ إلى الكاتب على أنه نبي يتكلم بوحي ولا يخطئ، وعلى الجانب الآخر ينبغي ألا يكون هم القارئ استخراج أكبر كم ممكن من الأخطاء.
 ولا بدَّ- كما يقول الكاتب- عند توجيه القارئ نقدًا لأي كاتب أو كتاب عليه أن يوضح ما الذي كان على الكاتب أن يفعله، ولا ينسى تدعيم وجهات النظر التي يرى أنها بديل صالح للصورة التي قدمها، إذ كلما تمكن من فعل ذلك أثبت أنه لم يقرأ الكتاب فحسب، وإنما أعاد إنتاجه من جديد.

أنواع القراءة

إن للقراءة أنواعًا عديدة، يوضحها الكاتب كما يأتي:
القراءة الاستكشافية
إن الكتاب مثل القميص، كثيرًا ما تكون جودته من مناسبته لمرتديه، وليست من جودة قماشه أو لونه؛ لذا يجب عليك أن تحرص حرصًا شديدًا جدًّا في اختيار الكتاب الذي تقرأ، وإليك بعض النصائح في كيفية اختيار الكتاب المناسب:
1.
قراءة مقدمة الكتاب- إن وُجدت-.
2.
قراءة فهرس الموضوعات.
3.
الاطلاع على فهرس المصادر والمراجع.
4.
قراءة ملخصات كل فصل- إن وُجدت-.
5.
قراءة بعض صفحات أو فقرات من الكتاب لمعرفة مستوى معالجة الكتاب للمشكلة.
القراءة السريعة 
ليس كل كتاب يُقرأ، وليس كل كتاب يُقرأ باهتمام وتمهل وبطء، فإذا تصفحت الكتاب وجذبك، فعليك أولًا أن تقرأه قراءة سريعة تحدد من خلالها كيفية التعامل مع هذا الكتاب.
القراءة الانتقائية 
تنقسم الكتب التي يعود إليها الباحث إلى نوعين:
1.
كتب متخصصة في المجال الذي يبحث فيه، فمثلًا إذا كان مهتمًا بعلم الاقتصاد، نظر في أمهات كتب الاقتصاد.
2.
كتب غير متخصصة في المجال الذي يبحث فيه، كأن ينظر مثلًا إلى مسألة التربية في كتب الفقه.
فينبغي أن يحدد القارئ أي طريق يسلك في بحثه حتى يسهل عليه تحديد نوع الكتاب، ويسهل عليه انتقاء ما يريد في سهولة ويسر، دون البحث في ما يصعب استخراج الفائدة منه.
القراءة التحليلية 
وهذه القراءة هي أهم أنواع القراءة؛ فالقراءة التحليلية هي أفضل أسلوب يمكن للمرء أن يتبعه في استكشاف مضمون كتاب ما، فهي لا تعني الاطلاع والاستفادة وحسب، بقدر ما تعني نوعًا من الارتقاء بالقارئ إلى أفق الكاتب الذي يقرأ له، ومحاولة النفاذ إلى معرفة شيءٍ من مصادر الكاتب وخلفيته الثقافية، بل ومحاورته ونقده والوقوف على جوانب القصور في الكتاب.
القراءة المحورية 
هي القراءة التي تستهدف الوقوف على معلومات وأفكار ومفاهيم تتعلق بموضوع معين، كما يفعل أي باحث أراد أن يكتب في موضوع ما، فإنه يحاول أن يطلع على مصادر المعلومات المختلفة التي تقدم له مادة أو خلفية أو رؤية تساعده في إنجاز عمله.
خطوات القراءة المحورية:
الاطلاع على الكتب والمراجع المتعلقة بالعلم الذي تبحث فيه.
قراءة النصوص والمقاطع التي ترى أنها لصيقة بموضوع البحث قراءة تحليلية.
توزيع النصوص على الأسئلة المطروحة ومحاولة الاستفادة من كل المصادر المتاحة.
وتعد القراءة التحليلية- كما يرى الكاتب- الأكثر نفعًا بين أخواتها، ولكن في يومنا هذا وفي ظل عصر السرعة الذي أنشأ حالةً من الملل السريع في نفوس أبناء العصر؛ فإن هذا الطريق يشكو قلة سالكيه، ولذا من الضروري أن نتعرض لبعض النقاط التي تمهد لسلوكه، وتمهد عمومًا لتحديد أنفع طريق للقراءة.

سمات القارئ الجيد وأنواع الكتب
يحدد لنا الكاتب بعض سمات وصفات القارئ الجيد منها:
المثابرة على القراءة ومواصلتها بحماس.
القابلية الجيدة لاستيعاب الجديد.
القدرة على انتقاء المفيد وترك الغث الرديء.
أن يعلم كيف يتعامل مع الكتاب الذي اختاره؟ وأي نهج من القراءة سيتبعه في قراءة هذا الكتاب؟
أما عن أنواع الكتب فيشير الكاتب إلى أن تحديد القارئ نوع الكتاب، يؤدي ذلك إلى تسهيل تحديد النهج أو الطريق الذي يسلكه معه. وهناك عدة أنواع للكتب منها:
هناك نوع من الكتب يعود إليه القارئ وقت الحاجة، ولا يُقرأ إلا مرة واحدة وحسب مثل: أمهات ومراجع وموسوعات ومعاجم. 
كتب تقرأ مرة واحدة قراءة سريعة مثل: كتب التسلية.
كتاب مهم يُقرأ بتركيز مرة واحدة ويفهمه القارئ من أول مرة. 
كتاب مهم يقرأ بتركيز، ويحتاج القارئ إلى قراءته مرة أخرى.
كتاب مهم يقرأ بشكل دوري، وكل مرة يزداد القارئ في فهمه.

قراءة كتاب في التاريخ نموذجًا

إن معرفة القارئ بتاريخ العلم الذي يقرأ فيه وطبيعته ومشكلاته الحقيقية، ستعود عليه ببصيرة معرفية لا تقدر بثمن، ولا شك أن حاجة القارئ الذي يقرأ الكتاب قراءة محورية إلى هذا النوع من البصيرة أكثر إلحاحًا من غيره، ويحدثنا الكاتب عن تجرِبة في قراءة علم التاريخ؛ لما له من آثار ملموسة في حياة الناس، ويتناول المؤلف ذلك في ثماني فقرات يحاول فيها أن يوجز القول فيما يساعد القارئ في علم التاريخ على تشكيل رؤية عن هذا العلم؛ مما يساعده على رفع قدر الاستفادة:
1.
موقف القارئ أصالةً من التاريخ.
2.
قصور المعلومات عن الوقائع التاريخية.
3.
الانتقائية في عمل المؤرخ.
4.
حرص المؤرخ على تقديم صورة كاملة.
5.
اختلاف المؤرخين في الموقف من الحدث التاريخي، مثل تأثير المزاج، وتأثير البيئة الزمانية والمكانية، وأيضًا اختلاف العوامل الرئيسية التي تتحكم في سير التاريخ.
6.
المؤرخ ليس موضوعيًّا بالضرورة.
7.
الظروف المختلفة التي تحيط بالواقعة التاريخية.
8.
تساؤلات عن المؤرخ.

ملاحظات ختامية

إن الكتاب رسالة الكاتب المبهمة للقارئ، وعليه أن يفك شفرتها ويترجمها بما يحقق له أعلى استفادة ممكنة.
اللغة هي أداة التواصل الأساسية بين البشر، فينبغي على القارئ أن يفهم الألفاظ التي يقرأها، ويمكن أن يستعين بالمعاجم إذا واجهه إشكال.
يجب على القارئ معرفة المصادر والمراجع التي استعان بها الكاتب، فإذا أهمه عنوان أو شغلته مسألة، رجع وقرأ في المواضع التي ناقشها، وحينها يستطيع الإحاطة بالمشكلة وفهمها على نحو ييسر له حلها.
القراءة التحليلية الجيدة تسهل على القارئ استيعاب الكتاب، وكلمة السر هي التأني في القراءة وحسن اختيار الكتاب.

0 comments

إرسال تعليق