كيف تأثر العادات في قرارتك ملخص كتاب قوة العادات

كيف تأثر العادات في قرارتك ملخص كتاب قوة العادات


المقدمة

تُستخدمُ العاداتُ للوصول إلى نتائجَ مُبهرةٍ على مُستوى الأفراد والشركات والمجتمعات، كفقدان الوزن وزيادةِ الإنتاجيّةِ، وغيرها.
يمكننا تعريفُ العادة بأنها استجاباتٌ تلقائيةٌ تعملُ دونَ إدراكٍ واعٍ مِنّا، لذلك قد يكون من الصعب تغييرُها، لكن من خلال هذا الكتاب، نستطيعُ فَهْمَ العاداتِ وطريقةِ تكوُّينِهَا، والطريقةِ التي تعملُ بها، وبالتالي كيفيةَ تغييرِهَا وإعادةِ بِنائِهَا.


العاداتُ وسعيُ العقلِ لتوفيرِ الطاقة

في معهد التكنولوجيا والبحثِ بكِمْبرِيِدْج، قام علماءُ بتجرِبةٍ على الفئران؛ لمعرفة كيفَ تتشكلُ العادة، ولماذا يقومُ بها الدِماغ، وذلك بملاحظةِ نَشاطِ عقلِ فِئْرَانِ التجارِبِ، أثناءَ قيامِهِم برُوتِينٍ معين.
وضع العلماءُ مجموعةً من الفِئْرانِ داخلَ مَتَاهةٍ على شكل حرف T ، وفي نِهايةِ أحدِ جوانِبِهَا، قطعةٌ من الشُوكولاتة، 
وكان هناك بابٌ خلفَ الفأرِ مُباشرةً، يُفتحُ بعد إصدارِ نَقْرَةِ صَوْتٍ مُعينة.
في البداية، لم يكن هناك سُلوكٌ مُحددٌ للفِئران؛ فالبعضُ منهم تردّدَ في الخروج، والبعضُ تقدّمَ والتفتَ إلى اليمين، إلا أن جميعَ الفِئْرانِ اكتشفتِ الشُوكولاتة بالنهاية.
بعد انتهاءِ أولِ تجرِبة، كان نشاطُ دماغِ الفِئرانِ في مُستواه العالي، خلال جميعِ المراحل؛ أي مُنذُ فتحِ البابِ إلى اكتشافِ الشُوكولاتة.
أعادَ العلماءُ التجربةَ نفسَهَا عِدّةَ مرات، فأصبحت الفئرانُ تتوجهُ للمُكافأةِ مُباشرةً، بمجردِ سَمَاعِ الإشارة.
الشىءُ المُثيرُ هنا أنه لُوحِظَ تغييرٌ كبيرٌ على مُستوى نشاطِ دِماغِ الفِئران، فقد ارتفعَ فقط عند سماعِ صوتِ النقرة، وبعد اكتشافِ الشُوكولاتة، في حين انخفضَ بشكلٍ مُثير في مرحلة التنقل.
كما تُوضحُ نتائجُ التجربة، أن الدماغَ في سعيِهِ الدائمِ لتوفيرِ الطاقة؛ يُكَوِّنُ العادات. عندما يشعرُ بتكرارِ أمرٍ ما أكثرَ من مرّة؛ يُحوّلُهُ لعادة؛ كي لا يُفَكّرَ فيهِ كُلّ مرة، وهذا انعكسَ على مُستوي نشاطِ دِماغ الفئرانِ المُراقبَة.


ما هي العادة وكيف تنشأ؟

شخصياتُنَا تُحددُهَا الأفعالُ التي نُمارِسُها بشكلٍ مُتكرر؛ وبالتالي التفوقُ والنجاحُ ليس حدثًا عارض، لكنه عادة، وهذا مايدعونا لطرح سؤالٍ آخر، ألا وهو، لماذا تتحولُ بعضُ السُلوكياتِ إلى عادات؟ وماهي مكوناتُ وعناصرُ أيِ عادة؟
العادةُ هي أيُّ فعلٍ أو سلوكٍ يقومُ به الإنسانُ بانتظام، ودونَ جُهدٍ أو تفكيرٍ تقريبًا، وتمُرُّ بأربعِ مَراحِلَ -تُسمى دائرةُ العادة- وهم:
الإشارة
المُحفّزُ الذي يأمرُ دماغَكَ أن يبدأ في الوضعِ التِلقائي، مُستخدمًا عادةً مُعينة
.
الروتين
هو الاستجابةُ التلقائيةُ التي قد تكونُ عقليةً أو عاطفية أو جسدية
.
المكافأة
وهي مشاعرُ جسديةٌ إيجابية، تُنْتَجُ عن الروتين
.
الرغبة
تأتي الرغبةُ من تكرارِ العادة، وتدفعُ الإنسانَ للبحثِ عن الإثارةِ مرة أُخرى؛ من أجل تكرارِ الروتين؛ كي يَحصُلَ علي المكافأة بعد القيام بالاستجابة التلقائية
.
مثال: شخصٌ لديه عادةُ أن يتناولَ وجباتٍ خفيفةً غيرَ صِحية، وهو يشاهدُ التِلفاز. في هذه العادة تكون "الإشارةُ" أنه يجلسُ لمشاهدةِ التلفاز. "الروتين" هو جلبُ أطعمةٍ خفيفةٍ غيرِ صحية، وتناولُهَا خلال المشاهدة. "المكافأة"، هي الاستمتاع بالطعام والمشاهدة. “الرغبة” هي تكرارُهُ لهذا الأمر؛ بحثًا عن إعادةِ الشعور بالمتعة.


كيف أُغيّرُ عاداتي السيئة؟

قد يعتقدُ البعضُ بأن أفضلَ طريقةٍ لتغييرِ عادةٍ سيئة، هي الإقلاعُ عنها، ولكن تلك الطريقةُ لا تنجحُ دائمًا، وسرعان ما سينتكِسُ المرءُ لعاداتِهِ الأصلية.
لتغييرِ أيِ عادة، تحتاجُ إلى عدة خُطْوات:
1- تحديدِ الأمرِ الروتيني؛ ما السلوكُ المُرادُ تغييرُه؟
2- تحديدِ المكافأة؛ ما المكافأةُ التي تحصلُ عليها عند ممارسةِ هذا السُلوك؟
3- تحديدِ الإشارة؛ ما الأمرُ الذي يجعلُكَ تبدأُ ممارسةَ سُلوكٍ معين؟
4- وضعِ الخُطة.
أنت الآن تمتلكُ عناصرَ دائرةِ العادة، ثبّتِ الإشارةَ والمُكافأةَ وغيّرِ الروتين.
على سبيل المثال، أنت حاولتَ أن تُغيرَ عادةَ تناولِ الوجباتِ غير الصحيّة، خلالَ مُشاهدةِ التِلفاز، بمُحاولةِ التوقفِ عن تلكَ العادة، ولم تنجح، بينما لو غيرتَ فقط الروتين؛ ستنجحُ مع المُواظبة.
غيّرِ الروتين، فبدلًا من تناولِ الوجبات غيرِ الصحيةِ السابقةِ أمامَ التِلفاز، أحضِرْ طبقًا من الفاكهةِ مَثلًا، ستظلُ "المكافأة" نفسُهَا، وهي الشعورُ بالاستمتاعِ بالطعامِ والمُشاهدة.
مثالٌ آخر، يُحاوِلُ الكثيرُ من المُدخنينَ الإقلاعَ عن التدخينِ بتكسيرِ عُلْبَةِ السجائِر، ولكن لم ينجحوا، بينما نجَحَ عددٌ أكبرَ بكثيرٍ من هؤلاء، عندما استبدلوا السِيجَارةَ الحقيقيةَ بالسِيجارةِ الإلكترونية كمرحلة أولى؛ فظلّتِ الإشارةُ والمُكافأةُ كما هيَ، وتم تغييرُ الروتين.
كي تُلغيَ العادة، أنتَ تحتاجُ لتغييرِ الرُوتين، بروتين مختلف، فقط مع الإبقاءِ والحفاظِ على الإشارةِ والمُكافأة. فمحاولةُ عدمِ الاستجابةِ للإشارة، لن تُسبِبَ الرُكنَ الرابع “الرغبة” الذي يجعلُ الإنسانَ مُنتَظِرًا للإشارة، ويسعى وراء تكرارِهَا وإدمَانِها.

رفعُ الوعي والتحكمُ بالعادات

إنّ العاداتِ لا يمكن إلغاؤها، ولكن يمكن استبدالُ العادةِ السيئةِ نفسِها، بعادةٍ إيجابية، من خلالِ استبدالِ الروتينِ السلبي، بآخرَ إيجابي، مع الحفاظِ على الدليلِ والمُكافأة .
لذلك، كي يُغيرَ الإنسانُ عاداتِه، عليه أن يَستطيعَ التعرُّفَ على الإشارةِ التي تبدأُ الروتين، الأمرُ ليس سهلًا كما يبدو، فبسببِ تِكرارِ العادةِ بصورة مستمرة، سيكون من الصعب الانتباهُ للإشارةِ الحقيقيةِ التي تبدأُ الروتين.
للتغلبِ على صُعوبة تحديدِ الإشارة، احتفِظ دائمًا بمُفكرةٍ في جيبك، وعندما تشعرُ بالرغبة في سُلوكٍ مُعين، دوِّن إجابات هذه الأسئلة:
1- أين أنا الآن؟
2- ما هي حالتي الانفعاليةُ الآن؟
3- من الذي يوجدُ بجواري الآن؟
4- ما هو الوقتُ الآن؟
5- ما الفِعلُ السابِق؟ ما الذي أقومُ بفعلِهِ الآن؟
من المُهمِ أن تتيقظَ وترفعَ وعيَك؛ حيث إنّ من أسبابِ فشلِ بعضِ الناسِ في التغلُبِ على العادات السلبية، أنهم ينفذون ما هم مُبرمجون عليه، ولا يُفكرون ولا يُزيدون وعيَهُم بما يُريدون فعلَه، إلا أنه برفعِ وعيِك، يُمكِنُكَ التحكمُ بعاداتِكَ بسُهُولة.
على سبيل المثال، إذا كنت تريدُ اكتسابَ عادةِ الذهابِ للنادي الرياضي كل صباح، فكِّر فيما يَعوقُك. ما هو الروتينُ الصباحيُ المُعتادُ لديك؟ كيف تقضي وقتك صباحًا من دونِ النادي الرياضي؟ لماذا تقضي وقتَكَ بهذا الشكل؟ كيف تشعرُ حِيَالَ ذلك؟
في المّرةِ المُقبلةِ التي تقعُ فيها في خطأِ اتِّبَاعِ ما أنتَ مُبرمجٌ عليه، والعودةِ للعاداتِ السيئة، فكِّر في فِعلتِك وشُعورِك حِيَالها؛ لمُساعدَتِكَ في الهُرُوبِ من دائرةِ اللاوعي وقلةِ المعلومات.


بِناءُ العاداتِ الجديدة

تختلفُ مدةُ اكتسابِ العاداتِ من شخص لآخر. فهناك من يحتاجُ لقوةِ إرادةٍ عَالية، وهناك من لا يحتاج، كما أن هناك من يُحبَطُ سريعًا عندما يمرُ الوقتُ المُحدد ولم يكتسبِ العادة، وهناك من لا يتأثرُ بالوقتِ بنفس الكيفية.
بصورةٍ عامة، اكتسابُ عادةٍ جَديدةٍ يمرُ بثلاثِ مَراحِل:
المقاومة: وهي أكبرُ وأصعبُ مرحلة؛ حيثُ إنها تحتاجُ لقوةِ إرادةٍ ومُجاهدةٍ للنفس.
عدمُ الراحة: ويكون تنفيذُ العادةِ ليس بصعوبةِ المرحلةِ الأولى، ولكنه غيرُ مُريحٍ وغيرُ تِلقائي، ويحتاجُ لقوةِ إرادةٍ أيضًا، ولكن ليست بقدْرِ المَرحلةِ السابقة.
التلقائية: وتكون العادةُ تَرَسّخَتْ بشكلٍ كبيرٍ في المُخ، ولا تحتاجُ إلى قوةِ إرادة، بل يَفْعلُهَا العقلُ بشكلٍ تِلقائيٍ ومُريح.
أيضًا، كي تستمر، من المهم مكافأةُ النفسِ في كل مرةٍ تُمارسُ فيها العادةَ الجديدة؛ حتى تدفعَ نفسَكَ لتكرارِها؛ إلى أن تُصبِحَ عادةً. على سبيل المثال، إذا كنت أعملُ على هدفٍ رياضيٍّ جديدٍ؛ إذن سأُذَكِّرُ نفسي دائمًا في كل مرةٍ عندَ الانتهاءِ من التمرين، بقول مثلاً: “لقد كان يومًا جيدًا” أو “عملًا جيد، لقد أحرزتُ تقدُمًا اليوم”.
من المهم أيضَا، أن تُعطيَ لنفسِكَ الوقت، بينما تعمل لاكتساب العادةِ الجديدة، تذكّر أنك ستستغرقُ بعضَ الوقتِ قبلَ أن تُصْبِحَ العادةُ تلقائية. تحلى بالصبرِ في مُحاولتِكَ لاكتسابِ العادةِ الجديدة.


نصائحُ إضافية للتعامُلِ مع العادات

لا تبنِ أكثرَ من عادةٍ في الوقتِ نفسِه
هذه غلطةٌ شائعةٌ يقعُ فيها مُعظمُ الناس، وعادةً ما يكون ذلك بدافعِ الحماس؛ فيبدأُ الشخصُ بمحاولةِ العملِ على أكثرِ من عادةٍ إيجابيةـ بنفس الوقت، لأنه يُريدُ تغييرًا سريعًا، ولكن قوةُ الإرادةِ لها مخزونٌ محدود؛ فبعدَ فترةٍ من الوقت، تقلُ قوةُ الإرادةِ شيئًا فشيئًا، إلى أن تتوقف؛ لأن مَخزونَها نفَذ؛ فلذلك يُفضل عدمُ اكتسابِ عادةٍ جديدة، إلا بعد إتقانِ العادةِ التي قبلها؛ حتى لا تُبَدِّدَ مَخزون قوةِ إرادتك.
ابدأ بشيءٍ بسيط.
إن كانتِ العادةُ الجديدةُ التي تُريدُ اكتسابَهَا كبيرةً وصعبة، فابدأ بتغييراتٍ صغيرةٍ لزيادةِ فرصِكَ في النجاح. إذا قُمْتَ بعملِ تغييراتٍ كبيرة للغاية، قد لا تستطيعُ المُثابرةَ والالتزامَ بها. 
على سبيل المثال، إذا كنتَ تُريدُ الإقلاعَ عن تناولِ الأطعمةِ المَقلية، أو كثيرةِ السُكّر، فقد تعاني إذا حاولتَ الإقلاعَ عنهم كلَهُم دفعةً واحدة. بدلًا من ذلك، من الأسهلِ أن تبدأ بالتخلصِ من واحدةٍ بواحدةٍ تدريجيًا، على مرات عدة.
الاستمراريةُ أهمُّ من النتائج
لا تهتمْ في بدايةِ اكتسابِ أي عادةٍ بالنتائج، الأهمُ هو الاستمرار؛ فالنتائجُ الكُبرى مثلًا نَحصلُ عليها بالتراكُم، بعد تثبيتِ العادة. الأفضلُ ألا تتوقفْ تحتَ أيِ ظرف، ولا تسمح لعقلِكَ بأن يقولَ لك أنك إن توقُفتَ يومًا عن مُمارسةِ العادة، فهذا لن يُؤثرَ في بِنائِها. 
استخدِمْ مُحفزاتٍ بَصَرية
كأن تستخدمَ تنبيهاتٍ تُذكِرُكَ بعادتِكَ الجديدةَ في أماكِنَ واضحة، هذا الجزءُ ليس له تأثيرٌ بالفعلِ على تكوينِ العادة، ولكنه عاملٌ مساعدٌ ومحفزٌ مُهِم.
العادةُ المُتَوّجَة
عليك أن تسعى لاكتسابِ ذلك النوعِ من العادات، وهي العاداتُ الإيجابيةُ التي إن تمكَنَ منها الإنسان؛ فستجعلُهُ يُمارِسُ عاداتٍ إيجابيةً أكثر، على سبيل المثال، تجدُ أن الأفرادَ الذين يحافظون على عادةِ مُمارسةِ الرياضة، تتولدُ لديهم عاداتٌ إيجابيةٌ وصحيّةٌ أخرى، غيرَ مرتبطةٍ بالرياضة. 


ملاحظات ختامية

العاداتُ استجاباتٌ تِلقائية، تعملُ دون إدراكٍ واعٍ منا.
لا مكافأة = لا تكرار للعادة.
مَهَمّةُ تغييرِ العادات، تَرجِعُ للفَهْمِ ثم للإرادةِ والعزيمةِ والإيمان.
لاكتسابِ أيِ عادةٍ جديدة، لا تهتمُ في البدايةِ بالنتائج، الأهمُ هو الاستمرار؛ فالنتائجُ الكبرى مثلًا نحصلُ عليها بالتراكمِ، بعد تثبيتِ العادة.
لا تيأسْ وأنت تُحاوِلُ أن تُغيرَ عاداتِكَ السيئة؛ بل استمر وحاوِلْ من جديد، دون النظرِ إلى النتائج.
لا تكتسب عادتينِ في نفسِ الوقت، إلا إذا كانت العادتانِ تخدُمَانِ بعضَهُما البعض.

0 comments

إرسال تعليق